عصام الدين مشرف
عدد المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: اتقوا الله يا قراء القرآن الأربعاء فبراير 23, 2011 2:14 pm | |
| الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أما بعد .. فإن الله قد أمر بالاعتناء بالقرآن الكريم تلاوة وحفظا وعملا . وإن الله قد أمر بترتيل القرآن فقال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] وأمر الله نبيه بتلاوته ، قال تعالى: وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [النمل: 92] وأثنى الله على عباد له فقال: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121] وشدد النبي صلى الله عليه وسلم على التغني بالقرآن فقال: صحيح البخاري (9 / 154): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ»
ورغب النبي في التغني بالقرآن فقال: صحيح البخاري (6 / 191): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ» وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: صحيح البخاري (6 / 195): «يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» ولذلك كان الواجب على المسلم أن يكون حسن الصوت بالقرآن ، وذلك يستلزم منه أن يتعلم أحكام تلاوته ؛ حتى يستطيع قراءته كما أمر الله تعالى ، ولذلك ذهبت طوائف من أهل العلم الكرام إلى وجوب تعلم أحكام التلاوة ، قال ابن الجزري: المقدمة الجزرية (1 / 11): باب التجويد وَالأَخْذُ بِالتَّجْوِيدِ حَتْمٌ لازِمُ ... مَنْ لَمْ يُجَوِّدِ الْقُرَآنَ آثِمُ لأَنَّهُ بِهِ الإِلَهُ أَنْزَلاَ ... وَهَكَذَا مِنْهُ إِلَيْنَا وَصَلاَ وَهُوَ أَيْضًا حِلْيةُ التِّلاَوَةِ ... وَزِيْنَةُ الأَدَاءِ وَالْقِرَاءَةِ وَهُوَ إِعْطَاءُ الْحُرُوفِ حَقَّهَا ... مِنْ صِفَةٍ لَهَا وَمُستَحَقَّهَا وَرَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ لأَصْلِهِ ... وَاللَّفْظُ فِي نَظِيْرِهِ كَمِثْلهِ مُكَمِّلاً مِنْ غَيْرِ مَا تَكَلُّفِ ... بِاللُّطْفِ فِي النُّطْقِ بِلاَ تَعَسُّفِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ ... إلا رياضة امرئ بفكه رحم الله ابن الجزري وعلماء المسلمين أجمعين ( ولمزيد من البيان يراجع كتب شروح الجزرية في شرح هذه الأبيات ) ولم ينكر أحد من السلف والخلف أبدا استحباب ترتيل القرآن وتحسين الصوت به ، قال الإمام النووي: التبيان في آداب حملة القرآن (1 / 113): اعلم أن جماعات من السلف كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون وهذا متفق على استحبابه وهو عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين وهى سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأقول: إنما وقع الغلو ( وللأسف ) في القرون المتأخرة في هذا الباب كما قد وقع التفريط . وأهل السنة دائما وأبدا بين غالٍ وجافٍ ، وبين مفرِط ومفرّط . فإنك تجد في هذه الأزمنة نشءًا خرجوا علينا بالقرآن مغنىً بألحانٍ وتطريب مخل بآداب التلاوة . وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد عهد إلينا أنهم آتون ظاهرون في الأمة ، قال صلى الله عليه وسلم: مسند أحمد ط الرسالة (25 / 427): " بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا " قلت: صححه الألباني في الصحيحة وغيرها. ولو نظرت إلى قول ابن الجزري الآنف لوجدته قد أشار إلى هذا بقوله: مُكَمِّلاً مِنْ غَيْرِ مَا تَكَلُّفِ ... بِاللُّطْفِ فِي النُّطْقِ بِلاَ تَعَسُّفِ وقد أفتى علماء السلف والخلف من أهل السنة بتحريم تلك الألحان في القراءة ، واللحن هو الخروج بالقراءة عن جادتها ، ففي مسائل الإمام أحمد: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (1 / 442): سَأَلت أبي عَن الْقِرَاءَة بالألحان فَقَالَ مُحدث إلا أن يكون طباع ذَلِك يَعْنِي الرجل طبعه كَمَا كَانَ أبو مُوسَى الاشعري قلت: وقد نقل الأمام المستغفري في فضائل القرآن الحديث السابق في كتابه هذا مبوبا عليه فقال: فضائل القرآن للمستغفري (1 / 149): باب ما جاء في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم نشأ يتخذون القرآن مزامير والنهي عن قراءة القرآن بهذه الألحان المبتدعة وقد ذكر القرطبي تفسير العلماء لقول أبي موسى للنبي:لحبرت لك القرآن تحبيرا .وذكر القرطبي أربعة أقوال لأهل العلم في تفسيرها ، ثم قال: تفسير القرطبي (1 / 13): فَهَذِهِ أَرْبَعُ تَأْوِيلَاتٍ، لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَالتَّرْجِيعِ فِيهَا. وقال الإمام الآجري: أخلاق أهل القرآن (1 / 163): وَأَكْرَهُ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ وَالْأَصْوَاتِ الْمَعْمُولَةِ الْمُطْرِبَةِ , فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ , مِثْلِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَالْأَصْمَعِيِّ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ , وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ , وَيَأْمُرُونَ الْقَارِئَ إِذَا قَرَأَ أَنْ يَتَحَزَّنَ وَيَتَبَاكَى وَيَخْشَعَ بِقَلْبِهِ . وقال الإمام النووي: التبيان في آداب حملة القرآن (1 / 111): قال أقضى القضاة الماوردي في كتابه الحاوي القراءة بالألحان الموضوعة ان أخرجت لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه أو قصر ممدود أو مد مقصور أو تمطيط يخفي به بعض اللفظ ويتلبس المعنى فهو حرام يفسق به القارئ . وقال رحمه الله أيضا: التبيان في آداب حملة القرآن (1 / 112): القراءة بالالحان المحرمة مصيبة ابتلي بها بعض الجهلة الطغام الغشمة الذين يقرؤون على الجنائز وبعض المحافل وهذه بدعة محرمة ظاهرة يأثم كل مستمع لها كما قاله أقضى القضاه الماوردي وياثم كل قادر على إزالتها أو على النهي عنها إذا لم يفعل ذلك وقد بذلت فيها بعض قدرتي وأرجو من فضل الله الكريم أن يوفق لإزالتها من هو أهل لذلك وأن يجعله في عافية . قلت: والأخبار في هذا الشأن كثيرة ؛ حاصلها أن السلف كانوا يستحبون تزيين القرآن بصوت القارئ ، إلا أنهم في الوقت ذاته كانوا ينهون عن المبالغة في ذلك وتكلفه ، ولذلك كان الإمام الجبل أبو عبيد القاسم بن سلام يقول: فضائل القرآن للقاسم بن سلام (1 / 167): حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: " نَهَانِي أَيُّوبُ أَنْ أُحَدِّثَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا كَرِهَ أَيُّوبُ فِيمَا نَرَى أَنْ يَتَأَوَّلَ النَّاسُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الرُّخْصَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَلْحَانِ الْمُبْتَدِعَةِ، وَلِهَذَا نَهَاهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ . فهكذا كان سلفنا الصالح يقتصدون ويعبدون ربهم سبحانه وتعالى على هذا النهج القويم من غير إفراط ولا تفريط . فيجب على المسلمين لاسيما قراء هذا الزمان أن يتقوا الله في تلك القراءة المخترعة الملحنة التي لا ترضي الله رب العالمين ، ويجب على المسلمين أن يناصحوهم لاسيما العلماء أن يناصحوا هؤلاء القراء ؛ خشية أن يخرجوا بالقراءة عما أمر الله تعالى به ورسوله . والواجب أن يتهم القراء في هذا الزمان أنفسهم ويهربوا بعيدا عن إظهار طيب صوتهم ، وإظهار تقواهم وبكائهم وغير هذا مما يقدح في إخلاصهم لله تعالى ، ولذلك لا بد أن يعتبروا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة : عن أنس رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط فقال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين رواه البخاري ومسلم فلينظر هؤلاء القراء إلى إخلاص هؤلاء الرجال الذين غطوا وجوههم ألا يظهر بكاؤهم فينقذف في قلوبهم شيء من أمراض القلوب . فما بال هؤلاء الذين يطربون الآذان بما هو أشد من الغناء في تلاواتهم ، ويتباكون أمام الناس ويفعلون ما لا يرضى الله به عنهم ، وقد صحح الألباني في الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثر منافقي أمتي قراؤها ويجب على من يسمع هؤلاء أن يناصحهم لله تعالى ، فإنما الدين النصيحة ، فإن انتصحوا وإلا وجب هجرهم ووجب ترك استماعهم حتى ينتهوا عن مثل هذا ، والله من وراء القصد . والله سبحانه أعلم . وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم .
| |
|
الهدى مشرف
عدد المساهمات : 180 تاريخ التسجيل : 18/11/2010
| موضوع: رد: اتقوا الله يا قراء القرآن الخميس فبراير 24, 2011 7:49 pm | |
| بارك الله فيك وذادك علما نافعا | |
|
الصارم المسلول مدير عام المنتدى
عدد المساهمات : 444 تاريخ التسجيل : 14/01/2010
| موضوع: رد: اتقوا الله يا قراء القرآن الجمعة فبراير 25, 2011 1:44 pm | |
| نسأل الله الاخلاص والصدق
في السر والعلن والقول والعمل
زنسأل الله الهدى لجميع المسلمين
جزيت خيرا
وجعله الله في ميزان حسناتك | |
|