بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( سلسلة تـفـسـيـر وتـحـفـيـظ الـقـرآن الـكـريـم ) ------------ --------- --------- --------- ----- [ آيـــات الــيــوم(56) ]
الأثنين – (26/05/1431هـ) – (10/05/2010م)
سورة الـبـقـرة من الآية: (248) إلى (252)
اللَّهُمَّ اْرْحَمْنيِ بالقُرْءَانِ وَاْجْعَلهُ لي إِمَاماً وَ نُوراً وَهُدى وَرَحْمَه
------------ --------- --------- ---------وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)
شرح الكلمات{نبيّهم}: شمويل.
{آية ملكه}: علامة أن الله تعالى ملكه عليكم.
{التابوت}: صندوق خشبي فيه بقية من آثار آل موسى وآل هارون.
{إن في ذلك لآية لكم}: أي في إتيان التابوت الذي أخذه العدو بالقوة منكم في رده إليكم علامة قوية على اختيار الله تعالى لطالوت ملكاً عليكم.
{فصل طالوت}: انفصل من الديار وخرج يريد العدو.
{بالجنود}: العسكر وتعداده - كما قيل: سبعون ألف مقاتل.
{مبتليكم بنهر}: مختبركم بنهر جار لعله هو نهر الأردن الآن.
معنى الآياتقد أصبح بشرح الكلمات معنى الآية واضحاً وخلاصته أن شمويل النبي أعلمهم أن آية تمليك الله تعالى لطالوت عليهم أن يأتيهم التابوت المغصوب منهم وهو رَمز تجمعهم واتحادهم ومصدر استمداد قوة معنوياتهم لما حواه من آثار آل موسى وآل هارون كرضاض الألواح وعصا موسى ونعله وعمامة هارون وشيء من المن الذي كان ينزل عليهم في التيه. فكان هذا التابوت بمثابة الراية يقاتلون تحتها فإنهم إذا خرجوا لقتال داخل المعركة ولا يزالون يقاتلون ما بقي التابوت بأيدهم لم يغلبهم عليه عدوهم، ومن هنا وهم يتحفزون للقتال جعل الله تعالى لهم إتيان التابوت آية على تمليك طالوت عليهم وفي نفس الوقت يحملونه معهم فيقتالهم فتسكن به قلوبهم وتهدأ نفوسهم فيقاتلون وينتصرون بإذن الله تعالى، (أما كيفية حمل الملائكة للتابوت فإن الأخبار تقول إن العمالقة تشائموا بالتابوت عندهم إذا ابتلوا بمرض البواسير وبآفات زراعية وغيرها ففكروا في أن يردوا هذا التابوت لبني إسرائيل وساق الله أقداراً لأقدار، فجعلوه في عربة يجرها بقرتان أو فرسان ووجهوها إلى جهة منازل بني اسرائيل فمش العربة فساقتها الملائكة حتى وصلت بها إلى منازل بني إسرائيل) فكانت آية وأعظم آية وقبل بنو إسرائيل بقيادة طالوت، وبسم الله تعالى قادهم وفي الآية التالية (249) بيان السير إلى ساحات القتال.إنه لما خرج طالوت بالجيش أخبرهم أن الله تعالى مختبرهم في سيرهم هذا إلى قتال عدوهم بنهر ينتهون إليه وهم في حرّ شديد وعطش شديد، ولم يأذن لهم في الشرب منه إلا ما كان من غرفة واحدة فمن أطاع ولم يشرب فهو المؤمنون ومن عَصَى وشرب غير المأذون به فهو الكافر. ولما وصلوا إلى النهر شربوا منه يكرعون كالبهائم إلا قليلاً منهم. وواصل طالوت السير فجاوز النهر هو ومن معه، ولما كانوا على مقربة من جيش العدو وكان قرباة مائة ألف قال الكافرون والمنافقون: { لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده } فأعلنوا انهزامهم، وانصرفوا فارين، وقال المؤمنون الصادقون وهم الذين قال الله فيهم { وقال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإِذن الله والله مع الصابرين } كانت هذه الآية في بيان سير طالوت إلى العدو.
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)
شرح الكلمات{برزوا لجالوت}: ظهروا في ميدان المعركة وجالوت قائد قوات العمالقة.
{أفرغ علينا صبرا}: أصبب الصبر في قلوبنا صبّا حتى تمتلىء فلم يبق للخوف والجزع موضع.
{وثبت أقدامنا}: في أرض المعركة كتى لا ننهزم وذلك بتقوية قلوبنا والشد من عزئمنا.
{دواد}: هو نبي الله ورسوله داود، وكان يومئذ غير نبي ولا رسول في جيس طالوت.
{وآتاه الله الملك والحكمة}: كان ذلك بعد موت شمويل النبي وموت طالوت الملك.
{وعلَّمه مما يشاء}: فعلمه صنعه الدروع، وفهم منطق الطير وهو وولده سليمان عليهما السلام.
{لفسدت الأرض}: وذلك بغلبة أهل الشرك على أهل التوحيد، وأهل الكفر على أهل الإِيمان.
معنى الآياتلما التقى الجيشان جيش الإِيمان وجيش الكفر طالب جالوت بالمبارزة فخرج له داود من جيش طالوت فقتله والتحم الجيشان فنصر الله جيش طالوت على عدد أفراده ثلثمائة وأربعة عشر مقاتلا لا غير لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل بدر، " إنكم على عدة أصحاب طالوت " وكانوا ثلثمائة وأربعة عشر رجلا فهزم الله جيش الباطل على كثرته ونصر جيش الحق على قلته. وهنا ظهر وكب داود في الأفق بقتله رأس الشر جالوت فمن الله عليه بالنبوة والملك بعد موت كل من النببي شمويل والملك طالوت قال تعالى: { وقتل داود جالوت وآتاه الملك والحكمة وعلمه مما يشاء }. وختم الله القصة ذات العبر والعظام العظيمة بقوله: { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض } بالجهاد والقتال، لاستولى أهل الكفر وأفسدوا الأرض بالظلم والشرك والمعاصي، ولكن الله تعالى بتدبيره الحكيم يسلط بعضاً على بعض، ويدفع بعضا ببعض منّة منه وفضلا. كما قال عز وجل { ولكن الله ذو فضل على العالمين }. ثم التفت إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وقال له: تقريراً لنبوته وعلو مكانته تلك آيات الله التي تقدمت في هذا السياق نتلوها عليك بالحق، وإنك لمن المرسلين صلى الله عليه وسلم.
هداية الآيات1- الجهاد الشرعي يشترط له الإِمام المبايع بيعة شرعية.
2- يشترط للولاية الكفاءة وأهم خصائصها العلم، وسلامة العقل والبدن.
3- جواز التبرك بآثار الأنبياء كعمامة النبي أو ثوبه أو نعله مثلا.
4- جواز اختبار أفراد الجيش لمعرفة مدى استعدادهم للقتال والصبر عليه.
5- فضيلة الإِيمان بلقاء الله، وفضيلة الصبر على طاعة الله خاصة في معارك الجهاد في سبيل الله.
6- بيان الحكمة في مشروعية الجهاد، وهي دفع أهل الكفر والظلم بأهل الإِيمان والعدل، لتنظيم الحياة ويعمر الكون.------------ --------- --------- --------- -----الوصلة لنسخة الوورد