تربية الأجيال الجديدة
التربية – والتربية الصالحة – هى قرين الإنجاب . فليس المقصود هو إنجاب الأبناء ثم تركهم للضياع . بل المقصود تزويد الحياة بعناصر الإعمار , وتزويد المجتمعات بعناصر البناء . وهذا لا يتحقق إلا من مجموع أسر قوية محكمة التأليف قوية البناء على الآباء
التربية الصالحة . والله سبحانه وتعالى يقول : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) والذرية الصالحة هى مطلب الأنبياء , فإبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام يقول : ( رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ) وقال الله تعالى : ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) وزكريا عليه السلام يدعو ربه : ( رب هب لى من لدنك ذرية طيبة ) وقال وقوله الحق : ( وأصلح لى فى ذريتى ) . وتتعدد الآيات التى تبين نعمة الذرية الصالحة كمطلب للأنبياء ومنة من الله سبحانه وتعالى .
وقد ترجم الإمام البخارى باب " طلب الولد " وباب الدعاء بكثرة الولد مع البركة . وساق أحاديث كثيرة تبين هذا المطلب الفطرى وتضعه فى إطاره الصحيح من القيم والمثل العليا . من هذه الأحاديث ما روى من حديث أنس أن النبى " صلى الله عليه وسلم " قال : " أى رجل مات وترك ذرية طيبة أجرى الله له مثل أجر عملهم ولم يتنقص من أجورهم شيئا " . وقال " صلى الله عليه وسلم : " إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية , وعلم ينتفع به , وولد صالح يدعو له " . وعن أبى سلمى – رضى الله عنه – إلى أنه قال : سمعت رسول الله " صلى الله عليه وسلم " يقول : " بخ بخ – وأشار بيده – لخمس ما أثقلهن فى الميزان : سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله أكبر , والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه "
والإنسان يحتاج إلى الأسرة فى مراحل عمره جميعا فالطفل لابد له من النشأة فى أسرة وإلا كان شاذ الأخلاق منحرف الطباع . وحاجته إلى أمه وأبيه حاجة أصلية فى نفسه . كذلك يحتاج الإنسان إلى الأسرة شاب ورجلا وكهلا , إذ لا يجد رعاية فى غيرها , ولا يرضى بديلا عنها .
وعلى الأسرة يقع قسط كبير من واجبات التربية الخلقية والوجدانية والدينية فى جميع مراحل الطفولة , بل فى المراحل التالية كذلك . وبفضل الحياة فى الأسرة يتكون لدى الفرد الروح العائلى والعواطف الأسرية المختلفة , وتنشأ الاتجاهات الأولى للحياة الاجتماعية المنتظمة . فالأسرة هى التى تجعل من الطفل حيوانا مدنيا , وتزوده بالعواطف والاتجاهات اللازمة للحياة فى المجتمع وفى البيت .