javascript:emoticonp('
')
موقف الإسلام من الظلم والشح
عن جابر رضى الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال " اتقوا الظلم , فإن الظلم ظلمات يوم القيامة , واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم , حملهم على أن سفكوا دماءهم , واستحلوا محارمهم " .
شرح المفرادات
( اتقوا الظلم ) أى اجتنبوه , واجعلوا بينكم وبينه سترا ووقاية . والظلم : هو وضع الشئ فى غير موضعه , أو هو التصرف فى حق الغير دون عدل .
( فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) هذه الجملة تعليلية . للسابقة والمعنى : " اجتنبوا الظلم , لأنه ظلمات متراكمة يوم القيامة , أو أن المراد بالظلمات : كناية عما يلاقية الظالم من هول وشدة فى الآخرة .
( واتقوا الشح ) والشح : هو الحرص الشديد , أو أشد البخل .
( فإن الشح أهلك من كان قبلكم ) هذه الجملة تعليل للجملة السابقة , والمراد بالإهلاك : إما الإهلاك الحسى أو الإهلاك المعنوى , ونرجح الأول وهو الحسى , بدليل قوله : " حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم " . ومعنى سفكوا دماءهم : أراقوها بالقتل .
( واستحلوا محارمهم ) أى احتالوا لتحليل ما حرم الله .
المعنى
فى هذا الحديث الشريف يوضح الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) موقف الإسلام من آفتين من شر الآفات , يترتب عليهما هلاك الأنسان وضياعه فى الدنيا وفى الآخرة , فحذر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أمته منهما . وبين ما تشتمل عليه كل آفة منهما , من شر وهلاك وحاربهما الإسلام بوسائل شتى , كاشفا عما ينطويان عليه من خطر داهم , وفساد يستشرى فى المجتمع , فنفر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) من الظلم حين أمر باتقائه فقال : " اتقوا الظلم " وآثر التعبير بكلمة اتقوا , دون غيرها , ليصور بشاعة هذه الآفة , وأنه أولى بالمسلم أن يحذرها ويبتعد عنها بالتزامه طريق العدل الذى أمر به الله تعالى , قال سبحانه : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون )
وبين الله تعالى أن نتيجة الظلم أليمة , وعاقبته وخيمة , أما نتيجة الظلم فى الدنيا , فقد صورها القرآن بانها تنتهى بأصحابها إلى الهلاك , قال تعالى : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) .
وأما فى الآخرة فإن الظلم يلقى ظلمات متتابعة إذا خرج من ظلمة دخل فى غيرها وهكذا يلقى أمامه مظالم العباد ظلاما فى آخرته , فهى ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض , فتكون الظلمات على هذا محمولة على ظاهرها وحقيقتها , فى قوله ( صلى الله عليه وسلم ) " فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " ويحتمل أن يكون كناية عن الهول والشدة فى الآخرة بالنسبة للظالمين , فهو تصوير لسوء العاقبة بالنسبة لهم , كما قال تعالى : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) .
وأما الآفة الثانية : فهى الشح ويعتبر سببا للظلم , فالشح هو الحرص الشديد على المل وجمعه بشتى الوسائل , وعدم إنفاق فى وجوه الخير فيظلم الإنسان بهذا التصرف أصحاب الحقوق , ويغبنهم , فيكون من الظالمين . وقد يراد من الشح أشد البخل الذى يلازم الحريص على المال .
فحذر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) من الشح وأمر باتقائه ,
ما يؤخذ من الحديث
1- التحذير من الظلم والشح , وبيان ما يترتب عليهما من العواقب الوخيمة .
2- دعوة الإسلام إلى إقرار العدالة والتعاون بين الأفراد والجماعات .
3- توجيه الناس إلى أحوال يوم القيامة , وما يلاقيه الظالمون .
4- التحذير من رذيلة البخل وبيان أنها كانت سببا فى هلاك الأمم السابقة , وتقويض حضارتها وترويع الآمنين فيها , عن طريق سفك الدماء , والاحتيال لتحليل ما حرم الله .
5- الحث على إقامة المجتمع الإسلامى على أساس العدل والتعاون , ومحاربة كل الآفات من التسرب إلى المحيط الإسلامى